Friday, November 20, 2009

Middle East Transparent

اللبناني "علي حسين سباط": حُكِمَ بالإعدام في السعودية لأنه "ساحر" أم لأنه "شيعي"؟

الجمعة 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2009


قبل يومين، نشر "الشفّاف" الخبر التالي نقلاً عن جريدة "الوطن" السعودية المحترمة التي يملكها الأمير خالد الفيصل: جازان: الوطن تمكن أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في محافظة أحد المسارحة أمس من إبطال عمل سحري من أجل اختراق الصفوف وإعماء الأبصار.

وأوضح مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة جازان الدكتور عبدالرحمن المدخلي أن العمل السحري عثر عليه في إحدى المقابر في منطقة الاشتباكات، بين قوات الأمن والمتسللين مشيراً إلى أن القائم بذلك العمل السحري قد كتب بعض الآيات القرآنية بطريقة يمتهن فيها كتاب الله، ويزعم من يفعل تلك الأعمال استطاعته النفوذ من أي عمل والذهاب والعودة إلى حيث يريد.

مما يعني، في أفضل الأحوال، أن "مطوّعة" جازان خبراء في "السحر" و"السحر المضاد"! سوى أن أياً منهم لم يستحق عقوبة الإعدام التي استحقّها مواطن لبناني الأرجح أن يكون "ذنبه" أنه "شيعي" وأنه وصل إلى السعودية قادماً من "إيران"، البلد "الرافضي"، كما يسمّيها جماعة "الهيئة".

ليس مفهوماً أن تشعر السلطات اللبنانية بـ"الحرج" إزاء هذه الجريمة الموصوفة التي ستقدم عليها السلطات السعودية، وليس مفهوماً ألا يجد سفير لبنان لدى السعودية وقتاً لزيارة سجين "لبناني" محكوم بالإعدام "ظلماً وعدواناً". أما وزير العدل اللبناني فكان حريّاً به أن يكون أقل إحتراماً لـ"العدالة السعودية والشريعة.." لأن هذه "العدالة" وتلك "الشريعة" ليست "مقنّنة"، أي أنها غير موجودة في نصّ مكتوب وفي مواد قانونية بالمعنى المتداول في الكرة الأرضية كلها. إن "الشريعة" التي يشير إليها وزير العدل اللبناني موجودة في "رأس" القاضي الذي حاكم "علي سباط" وحكم عليه بالإعدام. أي أنها عدالة "إستنسابية" على رأس "الزبون" أو حسب "مزاج" القاضي أو على قدر "فهمه"!

بالنسبة لنا، هذا حكم إجرامي أصدره قاضي متخلّف وطائفي ضد مواطن بلد آخر شاء سوء حظّه أن يكون "شيعياً لبنانياً" وإسمه.. "علي"! نأمل أن تتبنّى "منظمة العفو الدولية" قضية المواطن اللبناني "علي حسين سباط"، ونأمل أن يقوم الملك عبدالله بن عبد العزيز، الذي افتتح "جامعة" قبل أسابيع، بإنقاذ "علي حسين سباط" من براثن "مطوّعة" التخلّف وبإعادته إلى بلده.

ما يلي ترجمة لمقال جريدة "لوموند" الفرنسية حول قضية المواطن اللبناني "علي حسين سباط" من قرية "العين",

*

محكوم بالإعدام في السعودية لأنه "قرأ الطالع" في لبنان
لم يبقّ لـ"علي"، وهو مواطن لبناني عمره 46 سنة، سوى بضعة أيام من الحياة. فهو يقبع الآن في زنزانة بعيدة في السعودية. وتشعر أسرته بالصدمة إزاء الحكم "غير المعقول، وغير المفهوم" الذي صدر بحقّه، ولا تفهم كيف تطوّر سيناريو الكابوس الذي أوصل "علي" إلى المشنقة. جدير بالذكر أن "علي حسين سباط" من مواليد "العين"، وهي قرية شيعية في شمال شرق لبنان، وهو متزوّج ولديه 4 أطفال.

وكان "علي" قد وجد عملاً في بيروت، في قناة تلفزيونية بالكبل تسمّى "شهرزاد"، يغطّي بثّها لبنان والمنطقة. وأمام الكاميرا، كان "علي" يتلقّى إستفسارات المشاهدين بالهاتف و"يتنبّأ" لهم بالمستقبل. وكان دائماً يجد حلولاً سعيدة أو كلمات مشجّعة للمشاكل التي تُعرَض عليه، سواء مشاكل العمل، أو الصحة، أو الغرام.


في العام 2008، توقّفت قناة "شهرزاد"، فتحوّل "علي" للعمل في سوق النباتات الصحية. وفي ربيع 2008، سافر للحجّ إلى إيران أولاً ثم إلى في مكّة. وكان نائماً في غرفته بالفندق في "المدينة المنوّرة" بعد ظهر يوم 7 مايو 2008، مباشرةً قبل عودته المقرّرة إلى لبنان، حينما اعتقله "المطوّعة" السعوديون في سريره. بعدها اختفى "علي"، قبل أن يظهر مجدداً على شاشة التلفزيون السعودي.

"لأنه شيعي"
وقد ظهر "علي" على الشاشة، مقيّد اليدين والقدمين، و"اعترف" بأنه مارس "السحر". وصدر الحكم ضده عن محكمة "المدينة المنوّرة" في 9 نوفمبر 2009. وقد اعتبرت المحكمة أن "علي" مذنب بـتهم "الشعوذة" و"الكفر"، والإساءة إلى الإسلام وانتهاك الشريعة، إنطلاقاً من نشاطاته التلفزيونية على قناة "شهرزاد"، وأصدرت حكمها بإعدامه.

لكن، كيف أمكن لهذا المواطن اللبناني، الذي لم يمارس عملاً داخل السعودية نفسها، أن يجد نفسه في مثل هذا الوضع؟ شقيقه مهدي يجيب: "لأن إسمه علي. لأنه شيعي ويحمل إسماً شيعياً ولأنهم وجدوا سمة دخول إيرانية على جواز سفره". ويقول أقرباء "علي" أن التوتّرات بين الشيعة والسنّة تفسّر ما حلّ به. كما يتحدّث أفراد من العائلة عن الصراع الدائر في السعودية نفسها بين الملك عبدالله وبعض العلماء النافذين، لينتهوا إلى أن "الموضوع سياسي في جميع الأحوال".

تقع "العين"، وهي قرية "علي"، على مسافة 35 كلم إلى الشمال من "بعلبك" في سهل البقاع. ويعلّق أهل القرية صور الإمام الخميني على جدران بيوتهم المتواضعة. إن الزمن يبدو معلّقاً في هذه القرية الصغيرة الواقعة بين الجبال. ولكن عائلة "علي" تعيش تحت وطأة عد عكسي قاتل. فقد منحتهم المحكمة مهلة 30 يوماً لاستئناف الحكم. أي أنه كان تبقّى لهم 20 يوماً عند نشر هذا المقال. ويقول "مهدي"، شقيق "علي": لقد بحثنا على الإنترنيت، وتبيّن لنا أن عقوبات "السحر" لا تتجاوز 10 سنوات في السجن". ويضيف والد "علي": "أو ربما قطع اليد..."! وتقول الأسرة أن نائب المنطقة، الذي كان وعدها بالسعي في الموضوع قبل إنتخابات 12 حزيران، قد اختفى، في حين أن سفير لبنان لدى السعودية لم يجد الوقت لزيارة "علي" في سجنه.

إن الشيخ "عبد الأمير قبلان"، وهو أعلى مرجع شيعي رسمي في لبنان، يعتقد أن نشاطات "علي" كانت من نوع "العون النفسي" لمشاهدين "يائسين"، أكثر منها "سحراً" أو غيره من النشاطات التي يحظرها الإسلام. وتندّد المحامية اللبنانية، "مي الخنسا"، بـ"محاكمة تمّت بدون محامي وبتهمة لا يمكن أن تزيد عن الإحتيال". وتشير إلى "أنواع التعذيب التي تعرّض لها "علي" أثناء التحقيق معه وإلى "مبلغ 1 مليون دولار الذي طلبه محامون سعوديون" لتقديم طلب إستئناف للحكم. وتثير هذه القضية الغريبة إحراج السلطات اللبنانية، المنقسمة هي نفسها بين سنة وشيعة، علماً بأن السعودية "عرّاب" يملك نفوذاً كبيراً جداً في لبنان. ويؤكّد وزير العدل اللبناني، إبراهيم نجّار، أنه قام بـ"المطلوب". إن "ابراهيم نجّار" ضد حكم الإعدام من حيث المبدأ، ولكنه يقول أنه لا يستطيع أن يبدي رأياً في قضية ينظر فيها قضاء أجنبي. ويضيف: "أنا أحترم العدالة السعودية، والشريعة، ولكنني أسجّل، بصفتي محامياً، أن الشعوذة لا تُعتَبَر أكثر من جِنحة صغيرة في لبنان. ولا يخطر ببال أحد في لبنان أن يحكم على إنسان بالموت على "بصّار ة". مثل هذا الحكم سيثير السخرية".

كتبت الموضوع مراسلة جريدة "لوموند
Cecile Henion"

No comments:

Post a Comment